السبب العلمي وراء ممارسة التمارين الرياضية بصورة أفضل أثناء الدورة الشهرية
هناك الكثير من المعلومات عن التمارين الرياضيّة والدورة الشهرية، تتضمن حصة عادلة من الخرافات المتعلقة بالحيض،
بدءًا من الخرافات القديمة مثل "لا يُمكنك السباحة أثناء الدورة الشهرية" (وهذا خطأ: ارتدي سدادة قطنية وستكونين آمنة تماماً)، وصولاً إلى الخرافات الأخرى المُضللة بنفس القدر مثل "ممارسة التمارين الرياضيّة ستجعل التشنجات أسوأ" (ومرة أخرى هذا خطأ: في الواقع ممارسة التمارين الرياضيّة لها تأثير معاكس، مما يساعد على تخفيف الألم).
لقد صمدت الكثير من هذه الخرافات منذ الوقت الذي كان الحديث فيه عن الدورة الشهرية من المحظورات. ولحسن الحظ، فقد قطعنا شوطاً طويلاً، والآن لا يوجد شيء نريده لا يمكننا فعله لمجرد القليل من الدم، أليس كذلك؟
صحيح. لكن يُساعد فهم المراحل الأربع للدورة الشهرية والسبب العلمي وراء ممارسة التمارين الرياضية التي تختارين القيام بها كل شهر في جعل الحياة أكثر راحةً. ويُمكن أن تُحدث فرقاً كبيراً في مدى فعالية تدريبكِ.
تعمل جورجي بروينفيلز، وهي طالبة ماجستير / دكتوراه في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، وباحثة مساعدة زائرة في جامعة سانت ماري في لندن بالمملكة المتحدة، على دراسة آثار الدورة الشهرية على أداء الرياضيات من الإناث، فهي أساساً امرأة رياضية. حصلت جورجي، وهي عداءة في سباقات الضواحي، على اهتمام الصحف في عام 2015 عندما فازت بماراثون مانشستر في أول سباق لها على الإطلاق،
وقد كشفت أبحاثها عن بعض النتائج المثيرة للاهتمام. تقول جورجي: "لقد كان هناك نقص مُحبط في الأبحاث حتى الآن، ولكن من خلال هذه الدراسات، سنحت لنا الفرصة للنظر عن كثب في مدى تأثير انخفاض مستويات الحديد على أداء المرأة الرياضيّة وتدريبها".
تتغير مستويات الحديد خلال الدورة الشهرية، فهل تُلاحظ النساء الرياضيّات فرقاً في الأداء، بناءً على ما إذا كنّ في الدورة الشهرية أم لا؟
"بالتأكيد. لقد رأيتُ عن كثب كيف تتأثر المرأة الرياضيّة على جميع المستويات بالدورة الشهرية، وذلك بسبب كوني امرأة رياضيّة. يشعر أكثر من نصف الإناث الرياضيّات اللاتي شملهنّ المسح في بحثنا الأوليّ (وعددهنّ 700) بأنّ تدريباتهنّ وأدائهنّ تتأثر بالدورة الشهرية."
يخشى العديد من الرياضيّات المنافسة في أيامٍ معيّنة من الدورة الشهرية، خشية أن يُؤثر ذلك على أدائهم، ويُمكن أن تكون بعض الأيام صعبة كما هو الحال بالنسبة للبعض منّا الذين يستمتعون بالتمارين الرياضية المنتظمة والبسيطة أيضاً.
تقول جورجي: "ما نحاول القيام به من خلال بحثنا هو اكتساب فهم أفضل للقضايا، وما يحدث للجسم خلال الدورة الشهرية، والعلاجات المتاحة، والأشياء التي يمكن أن تقوم بها النساء للمساعدة في استعادة كل من مستويات الحديد والأداء"
وهذه أخبار جيدة ليس فقط لأفضل الرياضيّات في العالم، ولكن بالنسبة لكِ أيضاً. اكتشفت جورجي أن هناك الكثير من الأشياء التي يُمكنكِ القيام بها لمواصلة التمرين والتدريب بسعادة وفعالية على مدار الشهر. قد تُضيف بعض مراحل الدورة الشهرية قوة لأدائك – من يعلم؟
سيكون لدى الجميع منّا بعض الأيام خلال الدورة الشهرية حيث نشعر وكأننا نُقيم في السرير مع زجاجة ماء ساخن. لكن بحث جورجي أكد أن التمرين في كل مرحلة من مراحل الدورة الشهرية ليس آمناً فحسب، بل إنه مفيد أيضاً للمساعدة في تخفيف تلك الأوجاع والآلام.
تُعدّ مرحلة "القوة" أو "النزيف" (الأيام من 1 إلى 5) أحد أصعب الأوقات في الدورة الشهرية التي تستمرين فيها في ممارسة التمارين الرياضيّة، حيث تكونين في الدورة الشهرية ويزيل الرحم بطانته. ستكون مستويات هرموني الأستروجين والبروجستيرون منخفضة، مما يجعلكِ تشعرين بالتعب وربما حتى قليل من الاكتئاب. وربما تعانين أيضاً من تقلصات في المعدة. ولكن حاولي ألا تدعي التشنجات تُبطئك.
تنصح جورجي: "ربما لن تشعري بذلك، ولكن عليكِ أن تحاولي الخروج والتمرّن أثناء الدورة الشهرية". تُعتبر الأنشطة الخفيفة مثل اليوجا والسباحة والمشيّ جيدة، أو حاولي تمديد أو إطالة الجسم للمساعدة في تقليل أي تشنجات. ستكون تمارين القوة أكثر فاعليّة خلال هذه المرحلة عندما يكون هناك معدل أقل من هرمون البروجسترون في نظامك لتحطيم البروتين، حيث يستخدم جسمك البروتين لبناء العضلات، وبالتالي فإن زيادة مستوى البروتين تعني أن هذا هو الوقت المثالي لتدريب القوة.
وتقول جورجي: "وتذكري أن التمارين الرياضيّة تُنتج الإندورفين أيضاً، وستساعد هرمونات السعادة هذه في إبعاد الاكتئاب المُصاحب للدورة الشهرية".
المرحلة الثانية، من يوم 5 إلى 14 من الدورة الشهرية، هي مرحلة "القدرة" أو "الذروة"، حيث تم إصلاح بطانة الرحم وأنتِ في أكثر أوقاتكِ خصوبةً، وستشعرين بالقوة والنشاط مع ارتفاع مستويات هرمون الأستروجين والتي ستؤدي إلى الإباضة. لذا حان الوقت لتدفعي نفسكِ نحو التدريب بشكلٍ أقوى من المعتاد في صالة الألعاب الرياضيّة، أو حتى الانغماس في معسكر تدريبيّ أو القيام بتدريباتٍ ذات مستوى عالي. تقول جورجي أيضاً: "يُزيد هرمون الأستروجين من تدفق الدم إلى الدماغ ويُزيد أيضاً من مستوى بعض الهرمونات في الجسم، مثل السيروتونين، وهو أيضاً من هرمونات السعادة، لذا ستشعرين باليقظة والقوة والشغف للخروج وإظهار العالم ما يمكنك القيام به".
كما يحفّز هرمون الأستروجين هرمون النمو، حيث يتم تجديد الخلايا القديمة، مما يجعلكِ تتوهجين بالصحة، وعلى الرغم من أنك قد تجدين نفسكِ تحملين القليل من الدهون الزائدة حول الثديين والفخذين والأرداف خلال هذه المرحلة، إلا أنّ هذا يُعتبر طبيعيّاً تماماً، كما ستودعين كل ذلك التمرين الإضافي مرة أخرى في أسرع وقت.
خلال المرحلة الثالثة وهي مرحلة "التحمّل" أو "الحرق"، من يوم 14 إلى 22، أنت أكثر حدة، حيث سيزيد معدل الأيض الخاص بكِ وسوف تكون ذاكرتكِ في أفضل حالاتها، وذلك بفضل زيادة إفرازات هرمون الأستروجين وهرمون البروجسترون في جسمك. وعلى الرغم من أنكِ قد تشعرين بأنكِ عاطفية أكثر من اللازم، فإنها فرصة مثاليّة للقيام بدرس من دروس الرقص أو القيام بنوع من التمرينات الرياضيّة التي تشمل الدماغ والجسد. تقول جورجي: "هذا هو الوقت المناسب لأداء بعض الأنشطة الهوائيّة أو أنشطة التحمل، لأن جسمكِ يحرق الدهون خلال هذه المرحلة، وهي تحترق بكفاءة أكثر من الكربوهيدرات".
لذا فكري في الجري لمسافاتٍ أطول والاشتراك في جولة خيرية لتبقي على المسار التدريبيّ الصحيح، أو إذا كنتِ أكثر من مجرد فتاة تتدرب في صالة ألعاب رياضيّة، فإن إجراء تدريبات التحمّل لزيادة قدرتكِ على التحمّل هو الخيار الأمثل.
تصبحين في مرحلة "القتال"، من يوم 23 إلى يوم 28 من الدورة الشهرية، وتُعرف هذه المرحلة باسم "ما قبل الحيض"، حيث تنخفض مستويات هرمون الأستروجين والسيروتونين بشكلٍ كبير. ويُمكن لهذه المرحلة أن تجعلكِ تشعرين بالارتباك والتوتر، وبشكلٍ عام ستشعرين أنكِ على خلاف مع العالم، كما سيعاني البعض منّا أيضاً (حوالي 75-85%) من احتباس الماء، وتشنجات وأوجاع وآلام، لذا فهي ليست أسعد أوقات الشهر، كما قد تجدين صعوبة في التحفيز.
وتقول جورجي: "من المؤكد أن التمرين الخفيف هو ما تحتاجين إليه لعبور هذه المرحلة الصعبة، فهو يُزيد من مستويات الاندورفين لديكِ، والتي سوف تجعلكِ تشعرين بتحسن وقدرة على التعامل مع أعراض ما قبل الحيض مثل التعب". كما أنه سيساعد على مواجهة الرغبة الشديدة في تناول الطعام التي قد تواجهيها، ولذا فهو مفيد للجسم (لا يزال جسمكِ يحرق الدهون بدلاً من الكربوهيدرات في هذه المرحلة، لذلك حاولي أن تأكلي كمية أقل من الكربوهيدرات). تذكّري، لا تضغطي على نفسكِ بشدة خلال هذه المرحلة، فبعد كل شيء، لقد كنتِ تسيرين على الطريق الصحيح طوال الشهر، لذلك إذا كنتِ بحاجة إلى بعض الراحة، فهذا جيد: أنت أهل لذلك.